وسط الجبال الصخرية بمركز أخميم شرق محافظة سوهاج، تقف مقابر الحواويش كشاهد تاريخي على حضارة المصريين القدماء، في واحدة من أضخم الجبانات الأثرية التي تعود لعصر الدولة القديمة، والتي كانت مخصصة لدفن كبار الكهنة والموظفين والنبلاء.
تضم جبانة الحواويش نحو 800 مقبرة، نُحتت جميعها في الصخور الجيرية، وتتنوع ما بين مقابر ضخمة مزينة بنقوش وزخارف دقيقة، وأخرى بسيطة تعكس التدرج الاجتماعي والوظيفي لقاطنيها في الحياة.
“حم-مين” أبرز مقابر الحواويش







وابرزها مقبرة "حم-مين"، حاكم الجنوب في الأسرة السادسة، والتي تزدان جدرانها بمناظر الحياة اليومية كالصيد والرقص وتقديم القرابين، لتصبح وثيقة بصرية نادرة عن المجتمع المصري القديم.
خلال العقود الماضية، ظلت المنطقة خارج نطاق الاهتمام، قبل أن تبدأ وزارة السياحة والآثار خطة طموحة لتطوير الموقع ضمن مشروع التنمية المحلية بصعيد مصر.
وقد شملت أعمال التطوير بناء سور لحماية الجبانة، وتركيب سلالم حجرية لتمكين الزوار من الوصول إلى المقابر بأمان، إضافة إلى تمهيد الطريق المؤدي إليها وتزويده بالمرافق الأساسية من مياه وكهرباء.
كما تم إنشاء قاعة استقبال حديثة مزودة بشاشات عرض ولوحات إرشادية، تقدم للزائرين تعريفًا شاملًا بتاريخ الجبانة وأهم مقابرها، إلى جانب كافيتريا سياحية، ومنطقة استراحة، ومنفذ بيع تذاكر يليق بأهمية الموقع.
يأتي هذا التطوير في إطار استراتيجية الدولة لإحياء المواقع الأثرية غير المستغلة، وتحويلها إلى نقاط جذب سياحي وثقافي، خاصة في محافظات الصعيد الغنية بالكنوز المدفونة.
وتمثل جبانة الحواويش نموذجًا حيًا لما يمكن أن تقدمه هذه المواقع من قيمة تاريخية وسياحية في آن واحد، ومع اكتمال أعمال التطوير، بات الموقع مؤهلًا لاستقبال الزوار والباحثين.
وذلك ليعيد تسليط الضوء على جزء من التاريخ المصري المنسي، ويضع سوهاج على خريطة السياحة الأثرية من جديد.
0 تعليق