لكل شيء نهاية إلا الحديث عن تاريخ ملوك وملكات مصر الفرعونية القديمة فكلما أعتقدنا إننا قد أوشكنا علي الإنتهاء يتضح لنا أنه ما زال بعد وبعد لدرجة أيقنا أن الحديث عن تاريخ مصر الفرعونية القديمة ليس له نهاية ، أعظم وأقدم حضارة في العالم لم ولن تندثر أبداً ، وبما إننا أخذنا الحديث منذ فترة نحو ملوك الأسرة الثانية عشر فيجب علينا ألا نتلاشى الحديث عن ملكات هذه الأسرة فجميعنا نعلم دور المرأة المصرية الفرعونية القديمة ومادا تأثيرها في أمور ومجريات الحكم وسياسة الدولة وكما ذكرنا من قبل أن الرجل تعالى العروش ولكن في حقيقة الأمر النساء وحدها من تحكم.
ووقع الاختيار علي الملكة نفرت الثانية ، و هي ملكة مصرية قديمة من الأسرة الثانية عشرة ، و كانت ابنة الملك أمنمحات الثاني وشقيقة الملك سنوسرت الثاني.
وكانت الملكة نفرت زوجة الملك سنوسرت الثاني ، أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة في الدولة الوسطى (1897-1878 ق.م). اشتهرت بجمالها وحكمتها، وكان لها دور بارز في دعم الاستقرار السياسي والاجتماعي خلال فترة حكم زوجها
.
وعندما تزوجة من الملك «سنوسرت الثاني» حينها قيل عنها هي السيدة التي كانت شهرتها تفوق جمالها،و كان لها تمثال شهير والذي عُثر عليه في «تانيس» وهو عبارة عن صورة حقيقية لها، والنقوش التي نقشت على عرش التمثال هي؛ الأميرة الوراثية، والحظية العظيمة، والممدوحة كثيرًا، والزوجة الملكية، وحاكمة النساء، وبنت الملك من جوفه، «نفرت» (ومعني اسمها الجميلة، وربما سميت بهذا الاسم رغبة في أن يغطي اسمها على قبح منظرها)، ومن ذلك نعلم أن الملكة نفسها كان لها حق ولاية الملك، وذلك ما يفسره ذلك اللقب غير العادي «حاكمة النساء» الذي أعطيته، وقد اتخذ هذا الفرعون عادة غريبة في بابها في نظرنا، وإن كانت طبعية وعادية عند الأسرة المالكة. تلك هي عادة تزوُّج الملك من أخته، ولا شك في أن مثل هذا العمل كان يقوِّي مركزه على عرش البلاد، وبالرغم من ذلك ومن المدهش نجد أن فراعنة هذه الأسرة كانوا أشداء أقوياء الجسم علي عكس العالم الحديث والعواقب الوخيمة التي تنتج عن زواج الأقارب. و ذكرت هذه الملكة نفسها وابنتها «حتشبسوت» على لوحة جنازية لموظف اسمه «إي»، وهو يخبرنا أن زوجته كانت الأميرة «حتشبسوت» بنت الملكة «نفرت» المرحومة (Lange and Schafer, “Grab und Denkstein”, No. 20394)، وكذلك نجد ذكر الملكة «نفرت» وأختين أخريين إحداهما تسمى «نفرت» والثانية «إتا كايت» على بردية من اللاهون (A. Z. Vol. XXXVIII, P. 91).
و يُعد تمثال الملكة نفرت، المكتشف في تانيس والذي يعود إلى عصر الدولة الوسطى (الأسرة الثانية عشرة، حوالي 1897-1878 ق.م)، أحد الشواهد البارزة على تقدير المصريين القدماء للأم.
و يتميز التمثال بملامح فنية مستوحاة من تماثيل الدولة القديمة، حيث تظهر الملكة وهي ترتدي شعرًا مستعارًا باروكة على هيئة المعبودة حتحور، التي كانت رمزًا للأمومة والخصوبة.
وكان التمثال يجسد الملكة نفرت وهي تجلس في وضع يعكس الوقار والهيبة، حيث تضع يدها اليمنى على ركبتها، بينما تستند يدها اليسرى على ذراعها الأيمن، في إيماءة تحمل معاني الرعاية والحماية.
وكانت النقوش المحفورة على الكرسي الذي تجلس عليه تخلّد ألقابها، بألقاب مميزة وهي :
"النبيلة""المفضلة""المثنى عليها""حبيبة الملك"
و تجسد هذه الألقاب المكانة المرموقة التي تمتعت بها الملكة نفرت، ليس فقط كزوجة للملك، بل أيضًا كرمز للحكمة والعطاء، مما يعكس مكانة الأم في المجتمع المصري القديم.
وعكس تمثال الملكة نفرت عمق التقدير الذي حظيت به الأم في الحضارة المصرية القديمة، حيث لم تكن مجرد شخصية عائلية، بل كانت رمزًا للقوة والرعاية والمحبة.
و يُبرز التمثال براعة المصريين في فن النحت، حيث تظهر التفاصيل الدقيقة لملامحها وثيابها، ما يجعل التمثال أحد أبرز القطع المعروضة بالمتحف.
0 تعليق