أكد الدكتور حسن القصبي، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، أن هناك فارقًا جوهريًا بين الستر على الخطأ الفردي الذي لا يتعدى أثره صاحبه، وبين السكوت عن مخالفات عامة قد تهدد سلامة المجتمع، مشددًا على أن التصرف الإيجابي في بعض الحالات قد يتطلب التبليغ أو حتى التصوير، متى ترتب على ذلك حفظ للأنفس والممتلكات وردع للمسيئين.
وقال أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الاثنين: "السوشيال ميديا أصبحت وسيلة مهمة لكشف الأذى العام، بشرط أن نفرّق بين حالتين: الأولى، إنسان ارتكب خطأ يخصه فقط ولم يجاهر به، فهنا الأفضل ستره ونصحه سرًا، أما إذا كان الفعل يُهدد سلامة الناس، كالقيادة العكسية أو التجاوزات الخطيرة في الأماكن العامة، فالسكوت يُعد تقصيرًا، والتبليغ عنه من الإيجابية المجتمعية".
وأوضح أن تصوير بعض المخالفات في الطرق أو الأماكن العامة، وإرسالها إلى الجهات المسؤولة، ليس فضيحة ولا انتهاكًا للستر، بل هو سلوك إيجابي مسؤول، قائلًا: "السائق الذي يقود عكس الاتجاه يُعرّض أرواح الناس للهلاك، فكيف أستره بثوبي؟! هو لم يستر نفسه أصلًا، بل يجاهر بفعل فيه ضرر عظيم".
وأضاف: "الله عز وجل شرع الحدود زواجر وجوابر، والزجر هنا بمعنى أن يرى الناس أن من يفعل الضرر يُردع، وهذا يحقق مصلحة عامة"، موضحا أن هذا القول يُطبّق فقط عندما يكون الفعل في دائرة شخصية محدودة، يمكن فيها للنصيحة أن تؤثر دون إعلان أو فضيحة، أما إذا كان الأذى عامًا، والفاعل لا يعبأ بخطورته، فلابد من إبلاغ الجهات المسؤولة دون تردد.
وقال: "من أعظم ما فعلته الإدارات الآن أنها خصصت أرقامًا لتلقي بلاغات مصورة من المواطنين، وهذا ساعد في تقليل التجاوزات، كثيرون أصبحوا يحذرون من المخالفة لأنهم يعرفون أن الكاميرا قد تكون حاضرة، وهذه رسالة توعية وردع في آنٍ واحد".
وتابع: "قمة الإيجابية أن يرى الإنسان خطأً عامًا ويُبادر بتوصيله إلى الجهات المختصة، فهذا هو التعاون الحقيقي على البر والتقوى، لا على الستر الذي يُغري أصحاب الضرر بالتمادي".
0 تعليق