في مشهد مفجع هزّ مشاعر التونسيين، عثرت فرق الإنقاذ والغواصين مساء الاثنين 30 يونيو 2025، على جثمان الطفلة مريم أنيس، البالغة من العمر ثلاث سنوات، طافيًا في عرض البحر قبالة سواحل مدينة بني خيار، وذلك بعد ثلاثة أيام من فقدانها في حادث مأساوي وقع بشاطئ عين غرنز بمنطقة قليبية.
كانت الطفلة مريم تلهو في البحر برفقة والدتها، مستندة إلى عوامة مطاطية مربوطة بحبل إلى خصر الأم. إلا أن الرياح القوية والتيارات العنيفة باغتت الأسرة، مما أدى إلى انقطاع الحبل، وجرف العوامة والطفلة إلى عرض البحر بسرعة كبيرة.
حاول والد مريم اللحاق بها سباحة لمسافة تجاوزت الكيلومتر والنصف، وظل ينادي عليها ويحدثها محاولًا طمأنتها وإنقاذها، لكن التيارات كانت أقوى من قدرته، حتى أوشك على الغرق هو الآخر، قبل أن يتم إنقاذه من قبل شقيقه. بينما بقيت مريم تصارع الأمواج حتى اختفت عن الأنظار.
منذ اللحظة الأولى لبلاغ الفقدان، انطلقت عمليات بحث مكثفة قادتها الحماية المدنية بالتعاون مع الجيش الوطني والحرس البحري، مستعينين بزوارق نجدة وطائرات مسيّرة "درون"، إلى جانب فريق مختص في الغوص وفرقة الإسناد التكتيكي الخاصة.
شارك نحو 20 غواصًا في عمليات البحث التي واجهت صعوبات كبيرة بسبب الطبيعة الخطرة للمنطقة، حيث يُعرف شاطئ "عين غرنز" بتياراته القوية، وافتقاره لمنقذين أو تجهيزات أمان مناسبة، ما يجعل السباحة فيه محفوفة بالمخاطر.
في الوقت الذي انتشرت فيه شائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن احتمالية تعرض مريم للاختطاف، أكدت شهادات شهود العيان، ومنهم سيدة من سكان المنطقة، أن الحادث كان غرقًا عرضيًا، حيث شاهدت الطفلة تُجرف بعيدًا عن الشاطئ بفعل الأمواج، قبل أن تنقلب بها العوامة وتختفي تحت الماء.
الغواص ختام ناصر، عضو المنتخب الوطني للغوص، أوضح أن الشاطئ الذي شهد الواقعة يُعد من أخطر الشواطئ في تونس، بسبب تياراته غير المتوقعة وغياب فرق الإنقاذ، وهو ما يجعل الحوادث المأساوية فيه أمرًا متكررًا للأسف.
رحلت مريم، لكن قصتها تركت جرحًا عميقًا في قلوب التونسيين، ورسالة مؤلمة حول أهمية تأمين الشواطئ والرقابة على الأماكن المخصصة للسباحة، خصوصًا للأطفال.
0 تعليق