أبو العينين يتسلم رئاسة الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط.. وخبراء: مصر تُرسخ وجودها الفاعل وتُجدد التزامها بالسلام والعدالة لفلسطين - اعرف كورة

صدى البلد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

في لحظة تعكس عمق الحضور السياسي والدبلوماسي لمصر، تسلم وكيل مجلس النواب، النائب محمد أبو العينين، رئاسة البرلمان المصري للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، وذلك خلال القمة التاسعة لرؤساء البرلمانات والجلسة العامة الثامنة عشرة للجمعية التي انعقدت في إسبانيا.

هذا الحدث لم يكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل حمل رسائل سياسية وقانونية عميقة، عبرت عن توجهات الدولة المصرية ومواقفها الثابتة تجاه قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، في ظل ما يشهده المحيط الأورومتوسطي من اضطرابات وتحديات أمنية وإنسانية.

كلمة أبو العينين.. بين الثوابت والمستقبل

وفي كلمته أمام الجمعية، عبّر أبو العينين عن توجه مصر الراسخ منذ تأسيس الاتحاد من أجل المتوسط، والذي يقوم على "الملكية المشتركة" و"المسؤولية التضامنية" كأدوات لتحقيق النمو والرخاء لكافة شعوب المنطقة.


وأشار إلى أن مصر كانت، وما زالت، شريكًا فاعلًا في الاتحاد من خلال مشاركتها النشطة في كل المحافل، مؤكدًا أن البرلمان المصري ينظر إلى هذه الرئاسة كفرصة لتعزيز التعاون، ولبناء شراكات حقيقية تواجه التحديات المتعددة التي تمر بها المنطقة.

القضية الفلسطينية.. حجر الزاوية للسلام الإقليمي

ولم تغب القضية الفلسطينية عن الخطاب المصري، بل كانت في قلبه، حيث شدد أبو العينين على أنه لا استقرار حقيقي في الشرق الأوسط يمكن أن يتحقق دون إقرار السلام العادل، الذي يضمن الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

واستخدم أبو العينين توصيف "الإبادة الجماعية" لما يحدث في غزة، وهو توصيف قانوني بالغ الدقة والأهمية في المحافل الدولية، قد يفتح الباب أمام تدخل المحكمة الجنائية الدولية وفقًا لنظام روما الأساسي.
 

وفي تعليق على الكلمة التي ألقاها أبو العينين، أكد النائب محمد مرعي رئيس لجنة المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بمجلس النواب، أن كلمة أبو العينين كانت مرآة حقيقية للمواقف والثوابت الوطنية المصرية في قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

رئاسة تنبض بالدبلوماسية الذكية

ويرى النائب مرعي، في تصريحات خاصة لــ صدى البلد، أن محمد أبو العينين لم يكن مجرد ممثل رسمي للبرلمان المصري، بل كان صوتًا سياسيًا فاعلًا، حمل بين كلماته رؤية الدولة المصرية ورسالتها الواضحة نحو شراكة حقيقية تستند إلى مفهومي "الملكية المشتركة" و"المسؤولية التضامنية".

وهذان المفهومان، كما ورد في خطاب وكيل مجلس النواب، هما أساس أي تعاون أورومتوسطي ناجح، خاصة في ظل التحديات التي تواجه المنطقة.

رسالة قوية حول القضية الفلسطينية

ولم تغب فلسطين عن منصة الخطاب، بل كانت محورًا رئيسيًا عبّر فيه أبو العينين عن موقف مصر الثابت، مؤكدًا أنه لا استقرار حقيقي في الشرق الأوسط دون "سلام عادل ودائم". وقد علّق مرعي على هذا الجزء تحديدًا، مشيرًا إلى أن التعبير عن الثوابت المصرية باستخدام لغة دبلوماسية حازمة وإنسانية في آنٍ واحد، يُظهر قدرة مصر على توظيف الدبلوماسية البرلمانية لخدمة قضاياها المحورية.

الدبلوماسية البرلمانية كقوة ناعمة

مرعي شدد على أهمية الدبلوماسية البرلمانية التي تعتمدها مصر كجزء من أدوات قوتها الناعمة، معتبرًا أن أبو العينين استخدم هذا المنبر الإقليمي بكفاءة لتمرير الرؤية المصرية، في وقت باتت فيه الدبلوماسية التقليدية غير كافية وحدها. فالمؤسسات التشريعية أصبحت قنوات فعالة للتأثير على السياسات الإقليمية، خصوصًا في بيئة تتشابك فيها السياسة بالتنمية والأمن.

خبرة طويلة تقود في الوقت المناسب

ولفت مرعي إلى أن الخبرة الطويلة التي يتمتع بها أبو العينين في العمل السياسي والبرلماني، داخليًا ودوليًا، كانت عاملًا حاسمًا في نجاحه في تمثيل مصر. فقد جاء الخطاب متوازنًا ومدروسًا، خاليًا من الانفعال، لكنه غني بالرسائل الموجهة بدقة، مما يعكس وعيًا سياسيًا متقدمًا وإدراكًا لطبيعة اللحظة التاريخية.

الرؤية المصرية في قلب الحوار الأورومتوسطي

وأوضح مرعي أن تسلم مصر رئاسة الجمعية البرلمانية لا يعكس فقط اعترافًا دوليًا بمكانتها، بل يفتح الباب أمام بناء شراكات قائمة على الحوار والتنمية المتبادلة. وأن رؤية أبو العينين كانت استراتيجية شاملة حيث دمجت بين الأبعاد الأمنية والتنموية، وأكد على ضرورة التعاون المشترك، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن أي شراكة لن تكتمل دون إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه.

 تمثيل يليق بمكانة مصر

في ختام حديثه، أشار مرعي إلى أن مصر، من خلال كلمة النائب محمد أبو العينين، استطاعت أن تُظهر للعالم أنها فاعل متزن ومسئول في محيطها. خاصة وأن الخطابٌ جمع بين القوة والاتزان، عبّر عن نبض الدولة وتطلعات شعبها، وأرسل رسالة إلى الضمير الدولي بأن السلام ليس مجرد شعار، بل شرط لا غنى عنه لأي تقدم حقيقي في منطقة تعيش على فوهة بركان.


منصة متعددة الأطراف تفتح آفاقًا جديدة

ويرى الدكتور سامي عبد العال أستاذ القانون الدولي، أن هذه الرئاسة تُعد فرصة مؤسسية نوعية لمصر لتمكين حضورها في المنصات البرلمانية الدولية، خاصة في ظل التصعيد الجيوسياسي الذي تمر به منطقة المتوسط.

وأكد أن هذا المنصب يمنح القاهرة القدرة على التأثير في الأجندة الإقليمية والدولية من خلال آلية برلمانية متعددة الأطراف.

كلمة أبو العينين.. رسائل واضحة في زمن معقد

وفي كلمته خلال مراسم التسلم، شدد محمد أبو العينين على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهي مواقف تنسجم تمامًا بحسب عبد العال مع قواعد القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

كما لفت أبو العينين إلى وصف الوضع في غزة بأنه "إبادة جماعية"، وهو توصيف قانوني بالغ الأهمية قد يشكل مدخلًا لتفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وفقًا لنظام روما الأساسي.

القانون الدولي في مواجهة الانتهاكات

ويوضح الدكتور عبد العال، في تصريحات خاصة لـ صدى البلد، أن مثل هذا الطرح القانوني من جانب أبو العينين يعزز من الحملة الدولية لمحاسبة قادة الاحتلال الإسرائيلي على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ويمنح القاهرة دورًا فاعلًا في إعادة توجيه البوصلة الأخلاقية والقانونية للمجتمع الدولي تجاه ما يحدث في الأراضي الفلسطينية.

الملكية المشتركة والمسؤولية التضامنية.. رؤية مصرية منسجمة

وحول مفهومي "الملكية المشتركة" و"المسؤولية التضامنية" اللذين أكد عليهما أبو العينين، أشار عبد العال إلى أنهما يشكلان جوهر الاتفاقيات الأورومتوسطية التي تقوم على التعاون في ملفات التنمية، ومواجهة التحديات مثل الهجرة غير النظامية، والإرهاب، والتغير المناخي. وأكد أن هذه المفاهيم تعكس انخراط مصر الجاد في قضايا المنطقة بروح جماعية ومسئولة.

دعوة لتوظيف الرئاسة لدعم فلسطين

كما شدد عبد العال على أهمية استغلال هذه الرئاسة لتقديم مبادرات ملموسة لدعم الحقوق الفلسطينية، وربط القضية الفلسطينية بأجندة التنمية الإقليمية المستدامة. وأوضح أن ذلك قد يُحرج إسرائيل أمام المجتمع الدولي، خصوصًا في ظل تنامي الأصوات الأوروبية المنددة بسلوك الاحتلال.

وبهذا التمثيل الرفيع والموقف الواضح، أثبتت مصر مرة أخرى أنها لا تتحرك برد الفعل، بل وفق استراتيجية مدروسة تراعي مصالح شعوب المنطقة وتستند إلى مبادئ القانون الدولي والتعاون المتوازن.

خطاب محمد أبو العينين لم يكن مجرد كلمة على منبر دولي، بل جاء ترجمة حقيقية لسياسة مصر الخارجية وموقعها القيادي، ورسالة إلى العالم بأن القاهرة تملك صوتًا مؤثرًا، وعقلًا استراتيجيًا، وقلبًا نابضًا بالسلام والعدل والكرامة لشعوب المنطقة.

وفي زمن تتعالى فيه الأصوات المتطرفة وتُقوَّض فيه المبادئ، تقف مصر من خلال هذا المنبر البرلماني لتذكّر الجميع أن الشراكة الحقيقية تبدأ من الاعتراف بالحقوق، وأن السلام لا يُبنى إلا على أسس العدالة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق