شهدت محافظة المنوفية، فجر يوم الجمعة، فاجعة كبرى حوّلت ضحكات فتيات خرجن بحثًا عن لقمة العيش، إلى صرخات تتبعها زغاريد الموت.
كارثة بكل المقاييس، أصابت كل بيت في قرية كفر السنابسة، التابعة لمركز الباجور، التي ودعت 18 من بناتها دفعة واحدة، ليرتفع عدد الضحايا إلى 19 شخصًا، بمن فيهم سائق الميكروباص، ويُترك اثنان آخران في حالة حرجة.
لم يكن هذا مجرد حادث سير، بل نكبة جماعية هزت أركان القرية بأكملها.
رحلة صباحية انتهت بمأتم جماعي
في تمام الساعة السادسة صباحًا، انطلقت سيارة ميكروباص تحمل على متنها فتيات من القرية، في رحلتهن اليومية إلى مصنع خارج كفر السنابسة.
كانت الأجواء مفعمة بالبهجة؛ إحدى ساكنات القرية روت بصوت متهدج:
"كنت سامعاهم بيضحكوا في الميكروباص.. واحدة بتقول للتانية هتديني من العيش، والتانية بتضحك".
لم تكن تدرك أي منهن أن تلك الضحكات البريئة ستكون الأخيرة، وأن رحلة البحث عن الرزق ستتحول إلى جنازة جماعية تصطف فيها النعوش البيضاء أمام المسجد الكبير بالقرية، وسط دموع الأمهات وانهيار الأسر.
"طريق الموت" يضرب من جديد
القدر المحتوم كان ينتظر الفتيات على الطريق الإقليمي بمركز أشمون، الذي اكتسب لقب "طريق الموت" نظرًا لتكرار حوادث التصادم المروعة عليه.
فبسرعة جنونية تتجاوز 120 كم/ساعة، وبشكل مخالف تمامًا لقواعد المرور، دخلت شاحنة نقل ثقيل "تريلا" تسير عكس الاتجاه، لتصطدم وجهاً لوجه بالمايكروباص الذي كان يقل الفتيات.
كانت لحظات من الرعب تحول فيها الميكروباص إلى حطام، وتناثرت الأشلاء، وسقط الركاب بين قتيل ومصاب.
شهود العيان أكدوا أن الحادث كان بسبب تهور سائق التريلا وإهماله الجسيم، مما أدى إلى تهشم كامل للمركبة وسقوط جميع الركاب.
حصيلة الفاجعة وأسماء الضحايا
كانت الأنباء الأولى عن الحادث صادمة، لكن الحصيلة النهائية كانت مفجعة؛ 19 شخصًا لقوا مصرعهم، بينهم 18 فتاة وسائق الميكروباص، بالإضافة إلى إصابتين في حالة خطرة.
هرعت سيارات الإسعاف إلى موقع الحادث، ونقلت الجثامين إلى مستشفيات أشمون وقويسنا والباجور، بينما تجمع المئات من الأهالي في موقع الحادث وسط صدمة وانهيار.
جاءت أسماء الضحايا لترسم حجم المأساة التي ألمّت بالقرية:
من مركز الباجور: شروق خالد أبو المجد عاشور، جنا محي فوزي مبروك خليل، تقي محمد أحمد الجوهري، غدير عبد الباسط خليل قنديل، شيماء محمود محمد عبد الهادي.
من مركز أشمون: ملك عربي فوزي خليل، إسراء صباح عبد الوهاب عبد الخالق، رويدا خالد إبراهيم حسن، ضحى همام الحفناوي، سمر خالد مصطفى قنديل، سارة محمد كوهية.
من مركز قويسنا: هنا مشرف علام، ميادة يحيى، مروة أشرف، آية زغلول، شيماء يحيى فوزي خليل.
من قرية سرس الليان: أسماء خالد مصطفى، شيماء رمضان عبد الحميد.
بالإضافة إلى جثمان مجهول الهوية جارٍ التعرّف عليه.




العدالة تتحرك.. ودعم حكومي للضحايا
فور وقوع الحادث، تحركت الأجهزة الأمنية لفرض طوق أمني وبدء التحقيقات، وبعد ساعات قليلة، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط سائق التريلا الهارب، الذي تبين من التحريات الأولية أنه كان يقود بتهور وإهمال جسيم.
أمرت النيابة العامة بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات، ووجهت له تهم القتل الخطأ، القيادة المتهورة، والإهمال الجسيم.
0 تعليق