بوابة الجحيم المفتوحة: هل تبتلعنا صحراء الشرق الأوسط في دوامة صراع لا نهائية؟ ـ اعرف كورة

مصر تايمز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

في عتمة الليل، وبينما تتراقص ألسنة اللهب على وقع أصوات المدافع البعيدة، يهمس الشرق الأوسط بسؤال مخيف: هل ما نشهده ليس سوى مقدمة لفصول لم تكتب بعد، فصول ستعيد رسم خرائط المنطقة، وتلد وحوشاً جديدة من رماد الحروب؟ لعل الصمت المطبق قبل العاصفة هو ما يجب أن يثير قلقنا الأكبر... فماذا يختبئ وراء الأفق الملتهب؟

حين يزرع اليأس شياطينه: تربة خصبة للتطرف الجديد

تتسارع أحداث الشرق الأوسط في دوامة محمومة، من المواجهة الصامتة المشتعلة بين إيران والكيان الإسرائيلي، إلى جحيم غزة المستعر الذي لا يرتوي. هذه التطورات العاصفة، بألمها ودمارها، ليست مجرد قضايا جيوسياسية تُحل على طاولات المفاوضات. إنها وقود لنار كامنة، بيئة حاضنة ينمو فيها أخطر ما قد تواجهه المنطقة: ولادة جماعات متطرفة جديدة من رحم اليأس والظلم والخسائر التي لا تُحصى.

عندما تتهاوى الجدران، وتتحول الأحلام إلى كوابيس، يجد الأفراد أنفسهم في فراغ موحش. الشوارع تئن تحت وطأة الخراب، والمنازل تتحول إلى ركام، والشباب يرى مستقبله يتبخر أمام عينيه. في هذا المناخ الخانق، تصبح الأيديولوجيات المتطرفة، التي تقدم وعودًا زائفة بالخلاص والانتقام، كهمس شيطاني يجد آذاناً صاغية. إنها تملأ الفراغ الذي خلفه فشل الحلول التقليدية، وتقدم مساراً "ثورياً" لمن يشعر بأن كل الأبواب قد أُغلقت في وجهه. اليأس المطلق يولد رغبة جامحة في التغيير، حتى لو كان التغيير نحو هاوية أشد قسوة.

تشققات الهوية: استقطاب يُولد الكراهية

الصراع المتصاعد ليس مجرد حرب على الأرض؛ إنه حرب على الهويات. يتم صبغ كل مواجهة بألوان طائفية أو عرقية، ليتحول الصراع السياسي إلى صراع وجودي بين "نحن" و"هم". هذا الاستقطاب العنيف يمزق النسيج الاجتماعي الهش، ويخلق شرخاً عميقاً بين مكونات المجتمع الواحد.

في ظل هذه الأجواء المشحونة، تجد الجماعات المتطرفة ضالتها. إنها تزدهر على الكراهية والانقسامات، وتعلن نفسها حامية لطائفة أو عرق معين، لتشعل نار الفتنة وتحول الجيران إلى أعداء. الخطاب التحريضي الذي يتردد صداه عبر الفضاء الرقمي وعبر المنابر الإعلامية الموجهة، لا يفعل شيئاً سوى شيطنة "الآخر"، ليُنزع عنه كل ما هو إنساني، مما يسهل تبرير العنف ضده. هذه الأرضية المسمومة هي مهد خصب لمفاهيم الإقصاء والتطرف، حيث يصبح القتل أداة لـ"العدالة" المزعومة.

حين تغيب الدولة: الفراغ الذي يبتلع الأمل

في مناطق النزاع، حيث تتلاشى قبضة الدولة وتنهار بنيتها التحتية، يظهر نوع آخر من الخطر. الفراغ الأمني والإداري الذي يخلفه ضعف الحكومة يصبح دعوة مفتوحة للجماعات المتطرفة لتعبئته. إنهم يقدمون أنفسهم كبديل "فعّال"، يوفرون الأمن، القليل من الخدمات، وحتى أنظمتهم القضائية البدائية. هذا المنطق المعوج يمنحهم نوعاً من "الشرعية" في نظر من فقدوا كل شيء، مما يمكنهم من التغلغل وتجنيد المزيد من المقاتلين في صفوفهم.

كما أن غياب أي رؤية مستقبلية جامعة، أو مشاريع وطنية حقيقية تمنح الشباب الأمل، يخلق "فراغاً أيديولوجياً" كارثياً. عندما تغيب البوصلة، يصبح أي طريق، حتى لو كان نحو الهاوية، مغرياً. الخطاب المتطرف يقدم حلولاً تبدو بسيطة لمشاكل معقدة، ويعد بالخلاص في عالم لا يقدم سوى الفوضى، ليصبح ملاذاً لليائسين الذين لا يرون أي مخرج آخر.

الخاتمة: عاصفة قادمة في الأفق المجهول

إن الشرق الأوسط على مفترق طرق خطير. التطورات الراهنة ليست مجرد سلسلة من الأحداث المعزولة، بل هي متوالية متصلة تخلق ظروفاً مثالية لصحوة أشباح التطرف. إن لم يتم التصدي لهذه الأسباب الجذرية – اليأس، الظلم، ضعف الدولة، والاستقطاب الحاد – فإن المنطقة قد تجد نفسها على أعتاب موجة جديدة من العنف والظلام، موجة قد تبتلع ما تبقى من بصيص أمل.

السؤال ليس ما إذا كانت جماعات جديدة ستظهر، بل متى، وأين، وبأي وحشية؟ وهل نحن مستعدون لمواجهة العاصفة القادمة التي تلوح في الأفق المجهول؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق