أكد الداعية عمرو مهران أن الهجرة النبوية الشريفة تمثل واحدة من أعظم المحطات الفارقة في التاريخ الإسلامي، ليس فقط لكونها انتقالًا من مكة إلى المدينة، بل لأنها كانت تحولًا عظيمًا في مسار الدعوة من مرحلة الاضطهاد إلى مرحلة التمكين والبناء.
وشدّد مهران، خلال احتفالية قناة الناس، بالعام الهجري الجديد، اليوم الخميس، على أن أبرز ما يتجلى في الهجرة هو الربط العميق بين حسن التخطيط، وكمال التوكل، قائلًا: "النبي ﷺ في أكبر انتقال دعوي في تاريخ الإسلام، لم يترك شيئًا للصدفة. خطط بدقة، خبّأ سيدنا علي مكانه، دخل على أبي بكر من ظهر البيت، واختار دليلًا غير مسلم للطريق، وسلك دربًا عكسيًا تمامًا للهجرة المتوقعة، ثم سلّم قلبه لله وقال: لا تحزن إن الله معنا".
وأشار إلى أن هذا المزج الفريد بين العمل البشري المنظم، والتسليم الكامل لقدَر الله، هو الدرس الذي تحتاجه الأمة اليوم في مواجهة أزماتها، مضيفًا: "كل شيء كان مرتبًا في رحلة الهجرة، ورغم ذلك حين وصل سُراقة بن مالك إلى النبي، أوقفه الله وحده دون سلاح، ليعلمنا أن القوة الحقيقة ليست فيما نملكه، بل فيمن نتوكل عليه".
وفي جانب آخر، تطرق الداعية عمرو مهران إلى درس التضحية، مشيرًا إلى أن الصحابة الكرام قدّموا أروع نماذج الفداء، قائلًا: "سيدنا صهيب الرومي تَرك ثروته الهائلة في مكة، وقال: خذوها كلها، فقط دعوني ألحق بالنبي، فقال له ﷺ: ربح البيع أبا يحيى".
وأوضح أن جوهر التضحية لا يُقاس بالمقدار بل بالنية والغاية، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الناس اليوم يظنون أن التنازل عن شيء بسيط هو تضحية، بينما الصحابة ضحوا ببيوتهم وأموالهم بل وأنفسهم، فقط من أجل هدف واحد: "نصرة الدين وبناء المجتمع المؤمن".
وأكد مهران أن الهدف الأعظم الذي كان يُلهِم الصحابة هو الجنة، وكانوا يرون رضا الله غايةً تستحق كل تضحيات الدنيا. وأضاف: "النبي في بيعة العقبة، لما سأله الأنصار: وما لنا إن فعلنا ذلك؟ قال: الجنة ولم يزد، كانت رؤيتهم واضحة، وعقيدتهم راسخة، وكانوا يعيشون لأجل المعنى لا المادة."
ودعا الشباب إلى استلهام هذه القيم في حياتهم: "الهجرة تعلمنا أن نُجيد التخطيط، وأن لا نحصر حياتنا في المكاسب اللحظية، وأن نؤمن أن التضحية في سبيل غاية عظيمة تخلق إنسانًا عظيمًا، وأمةً لا تُقهر".
0 تعليق