على الرغم من التحديات الداخلية التي تعاني منها مصر في قطاع الطاقة، لا سيما خلال فترات الذروة الصيفية، اتخذت القاهرة خطوة جريئة بتعزيز صادراتها من الكهرباء والغاز الطبيعي إلى الأردن في وقت عصيب تشهده المنطقة.
ففي ظل تصاعد التوترات الإقليمية بعد اندلاع الصراع بين إسرائيل وإيران وتأثر إمدادات الغاز الطبيعي، قررت القاهرة ضخ حوالي 400 ميغاواط من الكهرباء بالإضافة إلى 100 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز إلى عمان.
هذه الخطوة لا تخدم فقط الحسبة التجارية المباشرة، بل تحمل أيضاً دلالات اقتصادية وجيوسياسية تهدف إلى تحقيق توازن بين احتياجات السوق المحلي وتعزيز العلاقات مع الدول المجاورة.
أوضحت الشرق بلومبيرج في تقرير لها ،جذور التعاون في قطاع الطاقة بين البلدين إلى عام 1999،تعود إلى بدء مصر والأردن تبادل الكهرباء عبر كابل بحري يمتد عبر خليج العقبة بجهد 400 كيلو فولط وقدرة 500 ميغاواط، وهو جزء من مشروع الربط الكهربائي الثماني الذي يشمل عدة دول في المنطقة.
في يناير 2025 تم تجديد هذا الاتفاق لمدة عام إضافي، مما ساهم في رفع موثوقية الشبكتين وتسهيل تبادل الطاقة الزائدة خلال فترات الذروة والصيف الحار. وقد أكد المسؤولون بأن هذا التعاون يُعد نموذجاً يحتذى به، خاصةً بعد 25 عاماً من الشراكة المتواصلة في مجال الربط الكهربائي.
أما تأثير النزاع بين إسرائيل وإيران فقد تجلى في قرار إسرائيل مؤخرًا بإغلاق حقل "ليفياثان"، أكبر حقول الغاز لديها، إثر تصاعد الحوادث مثل الرشقات الصاروخية مع إيران.
وقدر مسؤولون أن هذا الحقل قد وفر في عام 2023 نحو 2.71 مليار متر مكعب من الغاز للأردن و6.29 مليار متر مكعب لمصر. ونظراً لاعتماد مصر على واردات الغاز الطبيعي من تل أبيب، حيث تصل الكمية إلى حوالي 800 مليون قدم مكعب يومياً، أعلنت وزارة الكهرباء والبترول حالة "الاستنفار والطوارئ" استعداداً لأي نقص محتمل خلال الصيف.
في الأردن، قامت الشركة الوطنية للكهرباء بتفعيل خطة طوارئ شملت تعليق إمدادات الغاز لبعض المصانع لضمان استقرار الشبكة الرئيسية.
بهذا التنسيق الاستراتيجي بين مصر والأردن، يتضح أن كلا البلدين يسعيان لتعزيز أمن الطاقة وتنويع مصادرها في ظل بيئة إقليمية متقلبة، مما يؤكد أهمية التعاون المشترك لمواجهة التحديات المستقبلية.
0 تعليق