يُعد يوم التروية، وهو الثامن من ذي الحجة، من الأيام المباركة التي يستحب فيها للمتمتعين – أي من أدى العمرة ثم تحلل – وكذلك من فسخوا إحرامهم إلى عمرة من القارنين والمفردين، أن يبدؤوا الإحرام بالحج من مساكنهم ضُحى هذا اليوم.
ويُشمل هذا الحكم أيضًا من أراد الحج من أهل مكة، أما من كان قارناً أو مفرداً ولم يتحلل من إحرامه الأول، فيبقى على حاله.
ويُستدل على ذلك بما رواه جابر رضي الله عنه أن النبي ﷺ ومن معه الهدي لم يتحللوا، وأهلوا بالحج يوم التروية، كما جاء في صحيح مسلم.
ويُسن لمن نوى الإحرام بالحج أن يغتسل، ويتنظف، ويتطيب، تماماً كما فعل عند إحرامه من الميقات، ثم ينوي الحج بقلبه ويبدأ بالتلبية قائلاً: "لبيك حجاً".
وإن كان يخشى عائقاً يمنعه من إتمام المناسك، فليُشترط قائلاً: "فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني".
وإذا كان يحج عن غيره، نوى ذلك بقلبه، وقال: "لبيك حجاً عن فلان"، أو "عن فلانة"، أو "عن أم فلان"، إن كانت أنثى، ثم يستمر بالتلبية: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”، ومن زاد "لبيك إله الحق لبيك" فقد أصاب، إذ ثبت ذلك عن النبي ﷺ.
أعمال مستحبة يوم التروية
ومن الأعمال المستحبة في هذا اليوم أن يتوجه الحاج إلى منى ضُحى قبل الزوال، مُكثراً من التلبية. وعند الوصول إلى منى، يُصلي بها الحاج الصلوات الخمس: الظهر، العصر، المغرب، العشاء، وفجر التاسع. ويقصر الصلاة الرباعية منها (الظهر، العصر، العشاء) إلى ركعتين دون جمع، بينما تُصلى المغرب والفجر كاملة.
وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه صلى هذه الصلوات في منى، ولم يأمر أهل مكة بالإتمام، مما يدل على أن الجميع – من أهل مكة وغيرهم – يقصرون الصلاة هناك.
ويُستحب المبيت بمنى ليلة عرفة اقتداءً بفعل النبي ﷺ. وفي صباح اليوم التاسع، وبعد أداء صلاة الفجر، يمكث الحاج قليلاً حتى تطلع الشمس، ثم يتوجه إلى عرفات ملبياً أو مكبراً، وقد أقر النبي ﷺ من أهلَّ ومن كبَّر في الطريق، لكن ملازمة التلبية أفضل، لأنها كانت دأب رسول الله ﷺ.
والجدير بالذكر أن أعمال يوم التروية سنة وليست واجبة، فمن توجه إلى عرفة يوم التاسع مباشرة دون الذهاب إلى منى فلا إثم عليه، بشرط أن يقف بعرفة محرماً، سواء أحرم في اليوم الثامن أو قبله أو بعده.
مختصر أعمال يوم التروية
- الإحرام بالحج للمتمتع.
- بدء التلبية بالحج.
- الاتجاه إلى منى.
- أداء الصلوات الخمس في وقتها بمنى مع قصر الرباعية.
- أداء صلاة فجر التاسع بمنى.
- التوجه إلى عرفات بعد طلوع الشمس.
سبب التسمية بيوم التروية يعود إلى أن الحجاج كانوا يروون الماء استعدادًا لأيام الحج التالية.
وهناك رأي آخر يرى أن الاسم جاء لتروي إبراهيم عليه السلام في رؤيا ذبح ابنه، حيث ظل يفكر فيها من الصباح حتى المساء متسائلًا: أهي من الله أم من الشيطان؟
أبرز أعمال يوم التروية تتضمن توجه الحجاج من مكة إلى منى صباحًا، حيث يصلون الصلوات الخمس هناك على وقتها مع قصر الرباعية، دون جمع. ويُستحب لهم الإحرام بالحج في هذا اليوم بعد التحلل من العمرة، ويمكنهم الإحرام بعد الظهر أو العصر أو حتى في يوم عرفة.
ومن السنن في هذا اليوم أيضًا كثرة الذكر، والتكبير، والتهليل، والتحميد، واستمرار التلبية.
حكم من لم يذهب إلى منى في يوم التروية: لا شيء عليه، لأنه فعل مستحب وليس فرضًا أو واجبًا، ومن فاته ذلك وتوجه إلى عرفة يوم التاسع دون أن يمر بمنى، فإن حجه صحيح بشرط أن يكون محرماً.
الدعاء في يوم التروية
غير مقيد بصيغ معينة، ويُستحب فيه الإكثار من الذكر والدعاء بأي صيغة، مثل: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له."، وطلب المغفرة والرحمة ودخول الجنة والنجاة من النار له ولوالديه.
صيام يوم التروية
مستحب لغير الحجاج، لأنه من أيام العشر الأولى من ذي الحجة التي يُستحب فيها العمل الصالح.
أما الحجاج، فيُكره لهم صيام يوم عرفة حتى لا يُجهدوا أنفسهم، وقد ثبت عن أم الفضل أنها أرسلت إلى النبي ﷺ بقدح لبن فشربه وهو واقف بعرفة.
0 تعليق