تنطلق اليوم السبت 17 مايو 2025، في العاصمة العراقية بغداد، أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين، في لحظة دقيقة يمر بها العالم العربي، تتداخل فيها الأزمات السياسية مع التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية، وعلى رأسها استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واحتدام الصراعات في عدد من الدول مثل السودان واليمن وسوريا ولبنان.
ويشارك في القمة عدد من الزعماء والقادة العرب، في ظل حالة من الحذر والترقب لما ستؤول إليه المناقشات، التي يُتوقع أن تكون محورية في تحديد ملامح المرحلة المقبلة من العمل العربي المشترك.
القضية الفلسطينية تتصدر جدول أعمال القمة
وتتصدر القضية الفلسطينية جدول الأعمال، حيث أكدت مصادر دبلوماسية أن مسودة البيان الختامي للقمة تتضمن إدانة صريحة للعدوان الإسرائيلي، والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، وتقديم الدعم الكامل للفلسطينيين في قطاع غزة.
ويعول مراقبون على أن تنجح القمة في الخروج ببيان موحد يعكس الحد الأدنى من التوافق العربي، تجاه التحديات الواسعة التي تشهدها الساحة العربية، لا سيما تجاه ملف تهجير الفلسطينيين، والمسار السياسي في سوريا، والتوترات في البحر الأحمر.
ومن المتوقع، أن تتناول القمة الأوضاع في السودان، حيث لا تزال الاشتباكات المسلحة مستمرة بين الجيش وميليشيات الدعم السريع، إلى جانب مناقشة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، والتطورات في اليمن، فضلًا عن الموقف من التدخلات الخارجية في الشئون الداخلية للدول.
منها فلسطين والأمن العربي والمخدرات والمناخ.. بنود مسودة «إعلان بغداد»
وكشف المتحدث باسم الحكومة العراقية، الدكتور باسم العوادي، أن مسودة البيان الختامي للقمة العربية الرابعة والثلاثين، المنعقدة في بغداد، تتضمن ثمانية بنود رئيسية تعكس أولويات المرحلة الراهنة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ومكافحة الإرهاب، وتغير المناخ، والأمن العربي المشترك، ومواجهة ظاهرة المخدرات.
وأوضح العوادي، أن المسودة اعتمدها مجلس وزراء الخارجية العرب، وشملت تقارير متكاملة حول الأزمات في 11 دولة عربية، إلى جانب مناقشة مبادرات للتعاون في مجالات الأمن الغذائي والمائي، وتحديث آليات العمل العربي المشترك، ومقترحات لتعزيز دور الجامعة العربية.
وأشار إلى أن بند فلسطين يتصدر جدول الأعمال، باعتباره القضية المركزية التي تحظى بإجماع عربي، فيما يتناول البند الثاني قضايا التهجير، والمساعدات الإنسانية، ودعم الأونروا، وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية في غزة، كما تناولت المسودة ملف الإرهاب، حيث شددت على ضرورة بناء استراتيجيات أمنية جماعية، وتبادل المعلومات، والتعاون في التصدي للتهديدات المشتركة.
مبادرة التكيف والمناخ العادل
في السياق ذاته، تضمنت المسودة بندًا خاصًا بالتغيرات المناخية، حذر فيه الوزراء من التداعيات البيئية الخطيرة على المنطقة العربية، وضرورة تفعيل مبادرات التكيف والمناخ العادل.
وأكد العوادي، أن القمة العربية في بغداد تسعى إلى أن تكون منصة فعلية لإطلاق مبادرات تنفيذية، بدلًا من الاكتفاء بالخطابات، مشددًا على أن العراق يأمل أن يعكس «إعلان بغداد» تطلعات الشعوب العربية في التكاتف والمضي نحو حلول جماعية.
تقريب وجهات النظر ومواجهة الانقسامات
وقال العوادي، إن القمم العربية لم تعد مجرد مناسبات بروتوكولية، بل أصبحت أداة جوهرية لتقريب وجهات النظر العربية، وتوحيد الرؤى حيال القضايا الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والأزمات الإقليمية الأخرى.
وأشار العوادي، إلى أن القمة العربية الرابعة والثلاثين تمثل فرصة مهمة لتعزيز العمل العربي المشترك، مؤكدًا أن المشاركة الواسعة للقادة العرب تعكس جدية الدول في تبني سياسات أكثر واقعية واستباقية.
ولفت إلى أن الحضور الدولي الرفيع، وعلى رأسه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يبرز أهمية القمم العربية كمحرك سياسي في الإقليم، مضيفًا أن العالم أصبح يُصغي لما يصدر عن هذه القمم من مواقف ومبادرات.
تجاوز الخلافات والتركيز على قضايا مصيرية
وأضاف أن العراق يسعى من خلال استضافته للقمة إلى تقديم نموذج جديد في العمل العربي المؤسسي، يقوم على تجاوز الخلافات الثنائية والتركيز على القضايا المصيرية، وخاصة ما يتعلق بفلسطين، والتحديات الإنسانية والبيئية، ومكافحة المخدرات.
وأكد العوادي أن المطلوب من القمة ليس فقط إصدار بيانات، بل تبني آليات تنفيذ واضحة، تضمن تحول المخرجات إلى واقع ملموس، مستشهدًا بمبادرة «صندوق التعافي العربي» كمثال على طرح عراقي يسعى لتفعيل العمل العربي الجماعي.
وشدد على أن توحيد الصف العربي هو السبيل الوحيد لتعزيز قدرة الدول العربية على التأثير في المعادلات الإقليمية والدولية، معتبرًا أن إعلان بغداد يجب أن يكون خارطة طريق للمرحلة المقبلة.
العراق يستعيد دوره العربي
وتُعد استضافة بغداد للقمة محاولة واضحة من العراق لاستعادة دوره العربي بعد سنوات من الانكفاء والعزلة بسبب الحروب والانقسامات الداخلية. وتسعى الحكومة العراقية، من خلال هذه الاستضافة، إلى إيصال رسالة مفادها أن العراق عاد ليكون شريكًا فاعلًا في النظام العربي، وقادرًا على احتضان الحوارات وبناء الجسور بين الدول المتباينة في المواقف.
ويرى مراقبون أن القمة تمثل فرصة تاريخية لإعادة توحيد الموقف العربي تجعله قادرا على تقديم حلول حلول حقيقية للأزمات الراهنة بالمنطقة، وكيفية التعامل مع التحديات العابرة للحدود، من تغير المناخ إلى الأمن الغذائي وملف اللاجئين.
اقرأ أيضاً
رئيس فلسطين: قمة بغداد منصة استراتيجية لإيصال صوت الشعب الفلسطينيأبو الغيط يلتقي رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي على هامش قمة بغداد
تحديات إقليمية متشابكة.. ملفات مهمة على طاولة الزعماء العرب في قمة بغداد
0 تعليق