منذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني في فبراير 2022، حاولت أطراف دولية وإقليمية دفع عجلة السلام عبر مفاوضات متكررة، لكن جميع هذه المحاولات واجهت الفشل، سواء في إسطنبول أو بيلاروسيا، أو حتى عبر محادثات سرية، تعثرت كل الجهود أمام عقبات سياسية وعسكرية.
وتكشف البيانات أن أربع جولات رئيسية للمفاوضات شهدتها الفترة بين 2022 و2025، لكنها جميعًا توقفت أو انهارت، وهذه الجولات تشمل مفاوضات بيلاروسيا في بداية الصراع، ومحادثات إسطنبول في ربيع 2022، ومحاولة سرية في 2023، وأخيرًا الاقتراح المتعثر لعام 2025.
بيلاروسيا تشهد أولى محاولات السلام بين روسيا وأوكرانيا
بدأت المحاولات الأولى في بيلاروسيا بعد أيام من الغزو الروسي في فبراير 2022، واستضافت مينسك ثلاث جولات ركزت على وقف إطلاق النار وإجلاء المدنيين، لكن الخلافات سرعان ما طغت، ورفضت أوكرانيا اقتراح روسيا بفتح ممرات إنسانية تؤدي إلى روسيا أو بيلاروسيا، مطالبةً بخروج المدنيين عبر أراضيها.
في الوقت نفسه، واصلت القوات الروسية قصف المدن الأوكرانية أثناء المحادثات، مما أضعف الثقة وأدى إلى توقف المفاوضات دون نتائج ملموسة.
وفي ربيع 2022، تولت تركيا الوساطة عبر مفاوضات إسطنبول، وكان الهدف طموحًا ليتم التوصل إلى اتفاق يضمن انسحاب القوات الروسية مقابل تعهد أوكرانيا بالحياد وعدم الانضمام إلى الناتو.
روسيا تطالب بتقليص القوات الأوكرانية
طالبت روسيا أيضًا بتقليص القوات الأوكرانية والاعتراف بسيطرتها على القرم ودونباس، لكن كييف رفضت هذه الشروط، معتبرة إياها تهديدًا لسيادتها.
هذا وعززت زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى كييف في أبريل 2022 موقف أوكرانيا، حيث شجعها على مواصلة القتال بدلاً من قبول الاتفاق، مما أدى إلى انهيار المحادثات في ديسمبر 2023.
كما ظهرت محاولة سرية لم تُعلن رسميًا، ذكرها الصحفي الأمريكي سيمور هيرش تضمنت محادثات بين قادة عسكريين روس وأوكرانيين لتحديد حدود الجبهة، مع بقاء القرم وبعض المناطق تحت السيطرة الروسية، مقابل قبول أوكرانيا بالانضمام إلى الناتو بشروط محدودة.
لكن توقفت المحادثات سريعًا بعد معارضة الرئيس الأوكراني زيلينسكي والرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى جانب رفض أوكرانيا التنازل عن أي أراضٍ محتلة، وآخر المحاولات جاءت في مايو 2025، عندما اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استئناف المفاوضات في إسطنبول دون شروط مسبقة.
وأبدى زيلينسكي استعدادًا للقاء بوتين وجهًا لوجه، لكن المحادثات لم تُعقد، ويُوضح ذلك في الـ chart التفاعلي التالي:
وأثارت هجمات أوكرانية على الأراضي الروسية بعد عرض وقف إطلاق النار شكوك موسكو، بينما جعل التقدم العسكري الروسي في دونباس وكورسك روسيا أقل مرونة، وأضاف غموض موقف إدارة ترامب الجديدة تعقيدًا إضافيًا، مما أدى إلى تعثر المبادرة، وتُظهر هذه الجولات أن العقبات أمام السلام متعددة الأوجه
كما تشكل الشروط المتعارضة 40% من أسباب الفشل، وتظل العامل الأكبر، حيث يصر كل طرف على رؤيته للحل، ونقص الثقة تتمثل في نسبة 25%، ويتغذى على استمرار العمليات العسكرية، سواء القصف الروسي أو الهجمات الأوكرانية، أما التدخلات الخارجية، التي تشكل 20%، تلعب دورًا حاسمًا، خاصةً مع الدعم الغربي الذي يعزز موقف أوكرانيا لكنه يطيل الصراع.
أما السياق العسكري والتوقيت، بنسبة 15%، فيؤثران على مرونة الطرفين، حيث يقلل التقدم العسكري من استعداد أي طرف للتنازل.
تظل مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا محاصرة بالتحديات، وقد تواصل تركيا دورها كوسيط، وربما تدفع إدارة ترامب الجديدة نحو حلول دبلوماسية في 2025، لكن قضايا مثل الأراضي المحتلة والتعويضات تحتاج إلى وقت طويل.
إيفان أوس: عدم ذهاب بوتين يؤكد شكوك أوكرانيا في جدية المفاوضات
وتعليقًا على ذلك قال المستشار إيفان أوس، مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني للسياسات الاستراتيجية في أوكرانيا، في تصريح خاص لـ"مصر تايمز" أن عدم ذهاب بوتين يؤكد شكوك أوكرانيا حول جدية روسيا في المفاوضات، وأنها مجرد مناورة لكسب الوقت لا أكثر
وأضاف أنه يجب أن يكون هناك ضمانات جدية لالتزام روسيا باتفاق يفضي إلى السلام مع أوكرانيا.
0 تعليق