شهدت مصر في أوائل القرن التاسع عشر حالة من الفوضى السياسية، حيث تنازعت القوى العثمانية والمماليك والفرنسيون على السيطرة، وسط معاناة شعبية شديدة من الفقر والاستبداد.
ومع تعيين خورشيد باشا واليًا على مصر من قبل الدولة العثمانية، ازدادت الأوضاع سوءًا؛ فمارس الرجل سياسة قمعية بحق المصريين، وفرض الضرائب الجائرة، وارتكب جنوده الانكشارية انتهاكات مستمرة في حق الأهالي.
في هذه اللحظة الحرجة، ظهر دور عمر مكرم، نقيب الأشراف وأحد رموز الوجاهة الدينية والاجتماعية في القاهرة، لم يتردد في التعبير عن رفضه للظلم، وجمع حوله كبار علماء الأزهر والوجهاء والعامة من المصريين، ليبدأ حراكًا شعبيًا واسعًا طالب بعزل خورشيد باشا.
قاد عمر مكرم ثورة شعبية حقيقية، اتخذت من الأزهر الشريف مركزًا لها، واستطاعت أن تفرض كلمتها عبر مظاهرات ومطالبات جماهيرية كانت نادرة في ذلك الزمن.
وتزامن ذلك مع صعود شخصية عسكرية ذات طموح، هو محمد علي باشا، الذي كان في البداية قائدًا ألبانيًا ضمن القوات العثمانية.
استغل محمد علي التأييد الشعبي الكبير الذي حصده عمر مكرم، واقترب منه، حتى رأت الجماهير والعلماء فيه مرشحًا مناسبًا لتولي الحكم، بشرط أن يحكم بالعدل ويأخذ برأي الأمة.
وتحت ضغط الحراك الشعبي، أُجبر السلطان العثماني على عزل خورشيد باشا، وتعيين محمد علي واليًا على مصر عام 1805، بعد موافقة الشعب بقيادة عمر مكرم.
لكن علاقة عمر مكرم بمحمد علي لم تدم طويلًا، إذ ما لبث أن دب الخلاف بينهما بعد أن بدأ محمد علي في توسيع سلطاته والانفراد بالحكم، لينتهي الأمر بنفي عمر مكرم إلى دمياط.
0 تعليق